◄التصفية والأزمة العالمية حجة الإدارات الأجنبية لتشريد العمال
فصل وتشريد 85 ألف عامل وتنظيم 71 اعتصاما و58 إضرابا و22 مظاهرة و17 وقفة
احتجاجية.. أرقام تعكس حسب إحصائيات مركز الأرض فى النصف الأول من عام
2009 أبرز نتائج بيع الشركات والمصانع لمستثمرين أجانب بهدف إعادة الهيكلة
انتهى للخراب وتشريد العمالة.
وبصرف النظر عن جنسية المستثمر، هندى مرة وسعودى وأحيانا فرنسى، فالنتيجة
أن العامل المصرى يجد نفسه أمام خيارين إما المعاش المبكر أو الطرد من
العمل، ليصبح من السهل رصد قائمة بأسوأ 8 مستثمرين أجانب فى مصر.
حينما قرر رجل الأعمال السعودى عبدالإله الكعكى فى عام 2005 شراء شركة
طنطا للكتان والزيوت تعهد لعمال الشركة، الذين يبلغ عددهم 1400 عامل، أن
يحافظ على حقوقهم ويؤمن وظائفهم.. ورحب العمال بالكعكى الذى اشترى الشركة
بأراضيها بـ83 مليون جنيه، رغم أنها قدرت وقتها بـ500 مليون جنيه، وسرعان
ما انقلب على العمال وتجاهل رفع الأجور وصرف الحوافز والمكافآت حتى قام
بفصل 9 عمال نقابيين تعسفيا، وهو ما دفع 1400 عامل المتضررين إلى الإضراب
احتجاجا على وقف أجورهم وهروب إدارة الشركة، رغم التدخلات الأمنية
والسياسية لوقف الإضراب.
ورغم أن الشركة القابضة للصناعات الكيماوية أقامت دعوى قضائية ضد المستثمر
السعودى لإخلاله ببنود العقد، فإن القضية تم حفظها لأن العقد ينص على
التحكيم الدولى فى الخلاف وليس القضاء المصرى.
ما حدث فى طنطا تكرر فى الإسماعيلية حينما قام المستثمرون الهنود المالكين
لشركة «فلوستى» للملابس الجاهزة والتى يمتلكها رامى بوف بتسريح نصف
عمالتها بحجة عدم توافر سيولة مالية لصرف مرتبات العمال بالشركة، والبالغ
عددهم 1500 عامل بعقود مؤقتة.. «فلوستى» بدأت نشاطها الفعلى عام 2005
ومنحت العمال فى البداية مرتبات وحوافز مرتفعة وصلت إلى 150 % من أساسى
المرتب، ومع نهاية عام 2008 بدأت الرواتب والحوافز فى التراجع. وتم تهديد
العمال بالفصل فى حالة الاعتراض على خصم نصف الحافز لمجرد الذهاب إلى
الحمام.
وفى الإسماعيلية أيضا يتذكر العمال بالسوء نفس المستثمر الهندى «رامى بوف»
مالك شركة «دوبى» للملابس الجاهزة التى بدأت أعمالها بالمنطقة الحرة
بالمحافظة فى 2006، واستمرت عامين، حتى قرر «بوف» إنهاء نشاطها فى يناير
الماضى وتسريح 2150 عاملا، مستغلا عدم وجود لجنة نقابية بالشركة التى يؤكد
عمالها أنها كانت ناجحة وتصدر إنتاجها من الملابس الجاهزة إلى عدد من دول
الخليج ودول الاتحاد الأوروبى، وهى الوقائع الذى يؤكدها منير محمود
الصعيدى الذى كان يشغل مدير قسم الخدمات بالشركة ويقول: «فى شهر فبراير
عندما تأخرت الرواتب لأول مرة، اشتكينا للقوى العاملة والتأمينات ولم
ينصفنا أحد، لأن إدارة الشركة كانت أبلغت التأمينات والقوى العاملة بما
سيحدث وحمدنا الله على أننا حصلنا على راتب شهر يناير».
ما فعله بوف مع عمال «فلوستى» كرره المستثمر التركى أحمد دندر الذى اشترى
شركة «جلوب للغزل والنسيج والصباغة» منذ عام.. لكن هذه المرة لم يصل
التعسف إلى حد الفصل، إنما توقف عند حد خفض مرتبات 1200 عامل بحجة تأثير
الأزمة المالية العالمية على الشركة، وهو ما نفاه العمال، مؤكدين أن إنتاج
الشركة فى تزايد مستمر، وأن صفقات التصدير لا تتوقف للعديد من دول العالم.
عمال غزل شبين كانوا أيضا على موعد مع مستثمر هندى أهدر حقوقهم وفصل عددا
منهم.. مأساتهم بدأت حينما قررت إدارة الشركة، التى تحول اسمها إلى
«أندوراما» والتى يمتلكها جورجيت سينج، فصل 4 من العمال، وعندما اعترض
زملاؤهم انهالت عليهم الجزاءات.. وفى فرع الشركة فى شبين الكوم رفضت إدارة
الشركة الهندية صرف حافز «الهدف» بقيمة 228 يوما مع أن هذه القيمة يتم
صرفها منذ 50 عاما متعللة بالأزمة المالية، وهو ما أدى إلى إضراب 4000
عامل لمدة عشرة أيام متتالية.. كل هذا حدث رغم أن الإنتاج زاد من 32 طنا
يوميا، عندما كانت الشركة تابعة للقطاع العام، إلى 47 طنا يوميا، مع تولى
الإدارة الهندية، بما يعنى تحقيق أرباح.
حسين مجاورو عائشه عبد الهادى و جميل القنيبط
ورغم وقوع كل هذه الأزمات داخل الشركات والمصانع فإن وزارتى الاستثمار
والقوى العاملة واتحاد العمال نفضوا أيديهم تماما، وكأن ما يحدث داخل هذه
الشركات لا يعنيهم، وأن العمال اكتسبوا جنسية أرباب أعمالهم الأجانب،
فانتفت المسئولية عنهم، وهو ما رسخ يقينا لدى عمال جميع الشركات التى
اشتراها أجانب أن المستثمرين الأجانب فى مصر أقوى من الحكومة المصرية،
والدليل أن المستثمر الفرنسى مالك مصنع «أسمنت أسيوط» بالمشاركة مع
المستثمر الإيطالى روبرت برجينتى استغنى عن عدد كبير من العمال بحجة توقف
عدد كبير من خطوط الإنتاج، بالإضافة إلى تخفيض مكافأة إنتاج وحوافز
الباقين، وهو ما دفع العمال للاعتراض لتزيد بعدها الخصومات بشكل غير مبرر،
بالإضافة إلى سوء معاملة واضحة من قبل الإدارة خاصة تجاه العمال المعينين
لإجبارهم على الخروج إلى المعاش المبكر فى ظل صمت اللجنة النقابية على ما
يحدث مع العمال.
أما قمة الدراما فقد حدثت فى شركة عمر أفندى، التى استحوذت عليها شركة
«أنوال» برئاسة جميل القنيبط،حيث تحول عمر أفندى على يديه إلى خرابة، وتم
تشريد ما يقرب من 5 آلاف عامل، وتخريب 36 فرعا وإغلاقها وتحويل نشاط عدد
آخر، وعرض الفروع الأثرية للبيع، واستولى على 63 قطعة أرض فضاء قيمتها
بمفردها تتجاوز قيمة ثمن الصفقة.
السيناريو بعينه يتكرر مع شركات أسمنت أخرى.. ففى «أسيك حلوان» التى
يمتلكها المستثمر الإيطالى روبرت برجينتى قام المستثمر الإيطالى بتسريح 30
عاملا بحجة أن إنتاجهم انخفض رغم أنهم فى تلك الفترة كانوا مصابين بإصابات
عمل، وفى شركة أسمنت حلوان «بورتلاند» التى تملكها نفس الشركة الإيطالية
«إيطالى سمنت» رفضت إدارة الشركة صرف أرباح العاملين بنسبة 10 % حسب نص
القانون 203، والتى تبلغ 16شهرا مكتفية بصرف 10 شهور فقط، رغم إضراب
العاملين فى شهر أبريل الماضى، بجانب تخفيض ساعات العمل من 12 ساعة مقابل
45 جنيها يوميا إلى 8 ساعات مقابل 35 جنيها.
وفى الوقت الذى تتعرض فيه العمالة المصرية فى ليبيا للتضييق عليها، قام
المستثمر الليبى إبراهيم ميلاد الظلينطى فى شركة «العربية للمشروعات
الزراعية» بمحافظة الإسماعيلية بفصل 540 عاملا وعاملة أواخر شهر مارس
الماضى تمهيداً لتصفية الشركة تحت زعم أنها حققت خسائر نتيجة الأزمة
المالية العالمية.. لم يكتف المستثمر الليبى بذلك بل هددهم بالحبس بعد
إجبارهم على التوقيع على إيصالات أمانة ونموذج استمارة 6 «استقالة»، فى
مقابل استمرارهم فى العمل، علما بأن مدة خدمة العديد من العمال بالشركة
تجاوزت 14 عاماً، دون أن تشملهم مظلة التأمين الصحى أو الاجتماعى.
ورغم أن شركة «تى آى» لتغليف الصناعات بمدينة 6 أكتوبر بيعت لمستثمر
إماراتى هو رجل الأعمال راشد الغريرى خشية أن تؤدى الأزمة إلى إغلاق
الشركة، فإن أول قرار قام به الغريرى تسريح 100 من عمالها حتى الآن، بعدما
أرغمهم على الاستقالة والخروج على المعاش المبكر بعد تهديدهم بأنهم
«ماشيين ماشيين»وإن لم يقبلوا فسيتم فصلهم دون الحصول على مستحقاتهم، مما
دفع العمال لإقامة دعوى قضائية جماعية ضد الشركة بعد علمهم بعدم مشروعية
ما تم من عمليات إرغام على الاستقالة
.