السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
القرآن
القرآن هو
كتاب المسلمين المقدس وأهم مصادر التشريع الإسلامي. و يؤمن المسلمون بأنه
كلام الله المنزل على رسوله محمد بالوحي عبر الملاك جبريل. ويسمى الكتاب
الذي يكتب فيه القرآن مصحفًا. يعتبر المسلمون دراسة القرآن وتعلمه من أهم
العلوم التي يجب عليهم تعلمها، إذ أنهم يواظبون على قراءة القرآن ودراسته
و تطبيق معانيه منذ صغرهم وطوال حياتهم. ويَحترم المسلمون القرآن كثيرا،
فهو عندهم معجزة الإسلام الخالدة. لذا، تُوجَد آداب لسماعه أو قراءته
وتلاوته. ويدعو القرآن لمبادئ هامة يقوم عليها الإسلام وتسير عليها حياة
المسلمين.
وكان كتّاب الوحي هم : أبو بكر
الصديق ، عمر بن الخطاب ، عثمان بن عفان ، علي بن أبي طالب ، أبي بن كعب
بن قيس ، زيد بن ثابت ، معاوية بن أبي سفيان ، حنظلة بن الربيع ، خالد بن
سعيد، أبان بن سعيد بن العاص، العلاء بن الحضرمي، وكان المداوم على
الكتابة زيد ومعاوية.
يؤمن المسلمون بأن القرآن هو كتاب الله أنزِله إلى النبي محمد بن عبد
الله. ولهذا، يعتبرون تلاوة القرآن والاستماع له والعمل به كلها عبادات
يتقرب بها المسلم إلى الله وتزكو بها روحه. ويعتقد كثير منهم أنه أساس
حضارتهم وثقافتهم، وبه بدأت نهضتهم في كل مجالات الحياة، سياسيا واجتماعيا
ولغويا.
أخرج الدارمي عن علي قال: سمعت رسول الله يقول: « ستكون فتن. قلت: وما
المخرج منها؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما
بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن
ابتغى الهدى في غيره أضله الله. فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم،
وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة،
ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي
لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا "إنا سمعنا قرآنا عجبا". هو الذي من قال
به صدَق، ومن حكم به عدل، ومن عمِل به أجِر، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراط
مستقيم».
ولم تكن العرب تعرف لفظ المصحفِ بِمعنى الكتابِ الذي يجمع بين دفتيه صحفًا
مكتوبة، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن الكريم بعد أن جمعه أبو بكر
الصديق فأصبح اسمًا له.
والقرآن
يناقش مواضيع متعددة تشمل حياة الإنسان في الدنيا والآخرة: فالدنيا والدين
في الإسلام مرتبطان؛ والقرآن يؤسس عقيدة المسلم ويدعو الناس لعبادة الله
وحده وطاعته والخضوع له والتفكر في خلقه. ويناقش حقوق الانسان وواجباته
تجاه ربه ونفسه ومجتمعه ودينه والكون كله. وقد بين القرآن أن البشر كلهم
سواسية لا فرق بينهم مهما اختلفت لغاتهم وطبقاتهم إلا بتقواهم لله، فهذا
هو المقياس الذي يتفاضل به الناس عند الله. وحدد القرآن النظام الاجتماعي
للمسلمين، وكذلك آداب المسلم وأخلاقه واستخلص المواعظ والعبر من تاريخ
السابقين ؛ وحذر من عذاب النار يوم الدين، وغير ذلك من المواضيع والمحاور.
والقرآن
نص مكتوب مقسم إلى 114 فصلا، وكل فصل منه يسمى سورة، وكل سورة مقسمة إلى
عدد من الجمل أو الأقوال اللتي تسمى آيات. وتفتتح كل سور القرآن ب "باسم
الله الرحْمن الرحيم"، ما عدا سورة "التوبة".
بيان القرآن
ذكر القرآن: {ونزلنا
عليك الكتاب تبيانًا لكل شيء} [النحل: 89]. وقال: {هذا بيان
للناس وهدى وموعظة للمتقين} [آل عمران: 138].وقال: {فإذا
قرأناه فاتبع قرآنه. ثم إن علينا بيانه} [القيامة: 18: 19].
وقال: {يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورًا
مبينًا} [النساء: 174]. وقال: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن
هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} [البقرة: 185].
وعليه، يشرح القرآن ثلاث قضايا رئيسية بأسلوب حواري وبحجج دامغة بَيِّنٍة:
العقيدة
فيها
يشرح القرآن أن الله هو خالق الكون وخالق كل شيء وأنه على كل شيء قدير وله
الصفات الحسنى، إنه خالق الإنسان وهو الذي سيميته ثم يُحييه يوم القيامة
ليحاسبه على أعماله. ولهذا يحث القرآن المسلم بالأشياء التالية:
الإيمان بالله الذي يستلزم طاعته ومَحبته وعبادته. وعدم الإشراك بالله وأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الله.
الإيمان بالملائكة وأنهم عباد لله الْمقربون، الذين لايعصون أمره ويفعلون ما يأمرهم به.
الإيمان بالكتب المنزلة من عند الله ومنها القرآن.
الإيمان بكل الأنبياء والرسل المبعوثين من الله للبشر والذين منهم إبراهيم
أبو الأنبياء وإمام أهل التوحيد، ومنهم عيسى الذي يعتبر في الاسلام عبد
الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء ويؤمن المسلمون أن الله جعله
مبشرا بنبِي يأتي من بعده اسْمه أحْمد (الأمر الذي لا يتفق معه
المسيحيون). وهذا هو مُحمد الذي يؤمن المسلمون أنه خاتَم الأنبياء وسيد
المرسلين وأن رسالته تنسخ الشرائع السابقة.
الإيمان باليوم الآخر الذي يبعث الله فيه الناس ليحاسبهم على ما قدموا من خير أو شر، فيدخل المؤمنين الجنة والكفار النار.
الإيمان بالقدر خيره وشره.
الشريعة
فيها يشرح القرآن أن الله بما هو خالق الإنسان وهو أعلم بِما يصلحه فهو
وحده، إذًا، الأحق بالتشريع للإنسان. ومن هنا فإنه يضع الأوامر والنواهي
التي تحكم حياة الإنسان ليُحَصِّل سعادة الدنيا والآخرة. وهذه بعض الأوامر:
أمر القرآن (بالشهادة
وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة و صوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه
سبيلا) وهي أركان الإسلام الخمسة وأمر بالجهاد في سبيل الله والعدل وبر
الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأحل البيع
والنكاح وأكل الطيبات من الطعام وأمر النساء بالحجاب والوفاء بالعهود وأمر
بالتطهر من النجاسة.
وبعض النواهي:
حرم البغي والعدوان والظلم وأكل أموال الناس بالباطل وأكل الربا وأكل مال
اليتيم بغير حق، وحرم الكذب والغيبة والنميمة وإفساد ذات البين وحرم أكل
الخنزير والميتة والدم وكل ما ذبح لغير الله. وحرم الزنا والفاحشة وحرم
قتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض وحرم السرقة وشرب الخمر ولعب الميسر
وحرم شهادة الزور والرشوة وحرم نقض العهود والغدر والخيانة وحرم عقوق
الوالدين والتولي يوم الزحف.
الأخلاق والفضيلة
الإحسان في كل شيء والإصلاح بين الناس وحث على الصدقة والإحسان للجار
وإكرام الضيف والمودة بين الناس والتعاون على البر والتقوى، وغير ذلك مما
هو معروف ويُقوِّم مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال.
قواعد أخرى
كما وضع العديد من القواعد الكلية العامة منها:فرض
القرآن حدودا رادعة لمن تعدى حدود الله أو انتهك حرماته ولمن اعتدى على
الناس ولم يردعه الشرع عن ارتكاب جرائمه ؛ ليحفظ للمجتمع أمنه وللشرع
هيبته، وللمظلوم حقه.
وبين أنه يمكن للمسلم أن يتوب من ذنوبه ويدعو ربه مباشرة دون واسطة لكي
يغفر له ذنبه ويقبل توبته. يكون الثواب من الله والمغفرة للعباد بقدر
عملهم الصالح وإخلاصهم فيه واتباعهم لمنهج الله وشرعه وبقدر التقصير يكون
الذنب والعقوبة.
لا يتحمل فرد وزر فرد آخر ولو كان أقرب الناس له ولا يقبل من فرد رشوة أو
فدية لينجو من عذاب الله يوم القيامة إذا وجبت له النار لضعف حسناته.
يساوي الإسلام بين أتباعه في الحقوق والواجبات تحت شعار "لا فضل لعربي على
عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأبيض على أسود. ولا لأسود على أبيض، إلا
بالتقوى، الناس من آدم، وآدم من تراب" ، فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية
مقيتة.
أسماء القرآن
ذكر العلماء والمفسرون أسماءً عديدة للقرآن الكريم استخرجوها من نص القرآن
أو من الأحاديث الشريفة أشهرها: القرآن، الكتاب، الذكر والفرقان. ولفظ
القرآن على صيغة فُعْلَان (ك "غُفْرَان"، "خُسْرَان"، "حُسْبَان")اسم مشتق
من فعل قَرَأَ بمعنى "جَمَعَ" و"تَلَا". فهو، إذا، كلام مَجموع فِي كتاب
للتلاوة. وسُمي القرآن بكتاب لأن آياته وسوره قد سطرت وجُمعت بين دفتين.
وتسمية القرآن بهذين الأسمين يعد إشارة إلاهية لحفظ الله القرآن في الصدور
مقروءا وفي السطور مكتوبا. وقد قال الشيخ عبد الله دراز "فلا ثقة بِحفظ
حافظ حتَّى يوافق حفظه الرسم المجمع عليه، ولا ثقة بكتابة كاتب حتى يوافق
ما هو ثابت عند حفاظ الأسانيد". واسم الفرقان مشتق من فعل فَرَقَ بمعنى
فَصَلَ وفَرَق بين الأمور، فهو إذًا يفرَّق ويفصل بين الحق والباطل.
ومن أسمائه أيضًا: الذكر، النور، الموعظة،وغيرها من الأسماء الواردة في آيات القرآن نفسها أو في الأحاديث.
وكذلك لكل سورة في القرآن اسم خاص بها، بل لبعض السور أكثر من اسم، مثلا
السورة الأولى في المصحف لها أكثر من "20" اسمًا منها: الفاتِحة، أم
الكتاب، السبع الْمثاني، الكافية، الشافية، إلَخ.
نزول القرآن وجمعه في مصحف واحد
يتفق علماء المسلمين على أن القرآن لم ينزل دفعة واحدة، وإنما نزل على
فترات متقطعة، على امتداد أكثر من عشرين عامًا. ويعبرون عن هذا بقولهم
"نزل القرآن مُنَجَّمًا"، أي "مُفرَّقا".